السبت، 26 مارس 2011

لماذا نحن بلا أرض؟

 


الغربة .. موحشةٌ جدًا يا أميرة .. حين نضطر للرحيل كثيرًا و كثيرًا و كثيرًا بلا أدنى شعور بالاستقرار.. ذلك لأننا لم نجد بعدُ تلك الأرض التي تحتوينا و تنتشلنا من عوالم مخيفة .. تبدو كمتاهاتٍ متداخلة .. تُضخم الفزع و التيه و الألم .. نتنقّل بينها بلا وعي ولاشعور.. ولا يحركنا سوى الأمل .. الأمل بالعثور على الوطن الذي لطالما بحثنا عنه.

يحق لنا أن نتغرب في زمنٍ غريب .. لن أنكر ذلك .. يحق لنا .. لكن المشكلة أن هذا التجوال كله يستنفذ قوانا.. لاسيما إن وجدنا الزاد ينفذ سريعًا في كل مرة .. و إن طال وجوده، قل نفعه .. فنغدو بأجساد نحيلة .. و نروح بأرواح سقيمة .. تزيد العبء أضعافـًا.

آآآه .. ذات القصة الحزينة تتكرر على ظهر كل أرض جديدة نشد الرحال إليها .. روحٌ مثقلة .. روحٌ مثقلة .. تجر خيبات أمل كثيرة، و انهيارات صروحٍ متتالية، و دعواتٍ أكثر بالعثور عليها.. ولكن لا بصيص .. لا بصيص يبرق في عيون الفجر سوى خيط الرجاء الذي يحمله ذات الأمل الغريق ..

،

لا أدري يا أميرة إن كنت قد أجدت تصوير الحال.. لكن أعلم أنها أكثر مما كتبت هنا.

يا حبيبة .. نعلم جميعًا أن الأوطان كثيرة .. لكن قليلون من يعلمون أن واحدًا منها [ فقط ] هو الوطن الحقيقي.

و لا أدري لماذا تتوه خطانا عن الطريق الموصل لهذا الوطن المنشود دومًا !! نعم .. دائمًا تتوه خطانا عن الطريق .. مع أنه واااااااضح جليّ كالبدر في الليلة الظلماء !

،

نتساءل كثيرًا:

لماذا لايستقر لنا بناءٌ ويعلو على أي أرضٍ نملكها ؟

بل .. لماذا كلما تطأ أقدامنا أرضًا - نحسبها كذلك - ننزلق و تهتز الأرض من تحت أقدامنا لتجبرنا على الرحيل لأخرى ؟

تعلمين لم ؟

ذلك لأن الأراضي التي نهاجر إليها في كل مرة ،تكون ذات تربةٍ رقيقة ، و سماءٍ شحيحة،  فبدل أن نستمد منها القوة .. تكون هي مصدر الضعف و الوهن الذي يعترينا و لو بعد حين .. ولو بعد حين ~

و لأننا أيضًا .. لانملك مقومات المزارع الذكي.. و لا البنّاء الماهر.. الذي يجيد التعامل مع أي أرضٍ أينما كانت .. فيجعلها خصبةً أمام أي مشروعٍ جديد.. و باختصار: ( نحن كبناءٍ جاهل .. أو مزارع مبتدئ.. لا يحسن اختيار الأرض أولاً .. و لا استصلاحها ثانيًا .. و لا استثمارها و لا هدمها ولا صقلها) .. لذلك .. تخذلنا الأرض في كل مرة .. لا بل نخذل أنفسنا في كل مرة.


لهذا يأتي هنا السؤال الأهم :


[ أي أرض سنختار ؟ ]


انتبهي عزيزتي .. هذا الاختيار مهم.. و سيترتب عليه نتيجة الحصاد .. فإن صلحت الأرض .. فسيصلح الزرع و البنيان و كل حصاد.. و إن فسدت..  فالثمر سيخرج من جنس الأرض.

و أصدقكِ القول .. بأن هذا هو  السر في سبب تخبطنا المستمر .

.

.

و الإجابة نجدها دائمًا وأبدًا .. في الكتاب والسنة و في صحيح الأثر ~

- اسمعي قول الله تعالى في سورة التوبة : " أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرفٍ هار فانهار به في نار جهنم"

- و عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ الإيمان بضعٌ وستون شعبة أعلاها قوللا إله إلا الله .. و في رواية أفضلها لا إله إلا الله ].

قال النووي في شرح مسلم: " قد نبه أن أفضلها التوحيد المتعين على كل أحد والذي لا يصح شيء من الشعب إلا به"

- وقال ابن القيم في الفوائد (204) : ( من أراد علو بنيانه فعليه بتوثيق أساسه و إحكامه، فالأعمال و الدرجات بنيان و أساسها الإيمان، فالعارف همته تصحيح الأساس و إحكامه، و الجاهل يرفع في البناء من غير أساس فلا يلبث أن يسقط ).

هناك 4 تعليقات:

  1. نعم أحسنتِ يا فصووول..،

    يجب أن نُوثق الأصووول و نُحسن اختيار الأرض، قبل أن نُجْهِدَ أنفُسَنا وطاقاتنا عبثًا دون جدوى ولا جِنًا لأي ثِمار..!!


    لذلكـ كاان ذلكـ هو الأساس لبدايةٍ حقيقية..، بعد رحلة التخبط السالفة تلكـ..!!

    فاللهم الثبات، اللهم الثبات..~

    ردحذف
  2. قد قيل: ( من ترك الأصول، حُرم الوصول )
    الحمدلله أن هدانا الله لهذا ..

    أسأله الثبات ..لي و لكم ~

    شكرًا طموح ،

    ردحذف
  3. سكــــــــون28 مارس 2011 في 4:00 م

    بارك الله في قلمك

    ونفع بكِ


    وبرسائلك ..


    " مبتسم "

    ردحذف
  4. و إياكِ .. سكون ~

    ( يبتسم )

    ردحذف